ماسك يغادر الحكومة الأميركية غداة انتقاد مشروع قانون ترمب للإنفاق

أعلن إيلون ماسك، المستشار المقرّب من الرئيس دونالد ترمب والمشرف على إدارة كفاءة الحكومة (دوج)، الأربعاء، مغادرة منصبه، مؤكّداً بذلك تكهّنات استمرّت لأسابيع. وجاء إعلان ماسك بعد ساعات قليلة من بثّ مقابلة معه، انتقد فيها بشكل مفاجئ أحد أهمّ القوانين التشريعية التي يدفع بها الرئيس الأميركي. وعدّ ماسك قانون الإنفاق، الذي حصل على مصادقة مجلس النواب، وسيُطرح على «الشيوخ»، بـ«المخيّب للآمال».
وكان الرئيس ترمب قد لمّح إلى مغادرة ماسك المحتملة في شهر أبريل (نيسان)، فيما أشار ماسك نفسه إلى أن العقد المؤقت الذي وقّعه مع الحكومة لا يسمح له بتجاوز المهلة التي انتهت مساء الأربعاء. وكتب على منصته للتواصل الاجتماعي «إكس»، أن «وقته المجدول» بصفته موظّفاً قد انتهى.
As my scheduled time as a Special Government Employee comes to an end, I would like to thank President @realDonaldTrump for the opportunity to reduce wasteful spending.The @DOGE mission will only strengthen over time as it becomes a way of life throughout the government.
— Elon Musk (@elonmusk) May 29, 2025
وهذا التعيين «الخاص»، يُعفي ماسك من الإفصاح المالي وتضارب المصالح التي تنطبق على الموظفين الحكوميين بدوام كامل، ويعني أيضاً أنه لا يُسمح له بالعمل لأكثر من 130 يوماً خلال سنة كاملة. وفي المنشور، شكر ماسك ترمب على «فرصة الحد من الإنفاق غير الضروري»، وقال إن مهمة «دوج» ستتعزز بمرور الوقت.
وأثارت قيادته لوزارة كفاءة الحكومة لإعادة تشكيل البيروقراطية الفيدرالية وخفض الإنفاق الحكومي جدلاً كبيراً، واضطرابات سياسية واجتماعية في الأشهر الأولى من إدارة ترمب. وفيما لم يصدر عن الرئيس أي تعليق، أكد البيت الأبيض مغادرة ماسك منصبه.
مستقبل دور ماسك السياسي
وكان ماسك، الذي أنفق نحو 288 مليون دولار لدعم حملة ترمب الرئاسية ومرشحين آخرين العام الماضي، قد أعلن أنه «ربما أمضى وقتاً أطول من اللازم في السياسة».
وقال في منتدى قطر الاقتصادي، الأسبوع الماضي: «إذا رأيت سبباً للإنفاق السياسي في المستقبل، فسوف أفعل ذلك. لكنني لا أرى سبباً حالياً». وهو ما ألقى غموضاً على دوره المقبل في تمويل حملات الجمهوريين في الانتخابات النصفية عام 2026، والانتخابات العامة في 2028.
وكان أغنى رجل في العالم قد أشار منذ أسابيع عدة إلى أنه يخطط لإنهاء عمله الحكومي وإعادة التركيز على أعماله، بعد الانتكاسات المالية والإخفاقات التي تعرّضت لها شركتا «تسلا» و«سبيس إكس».
ومع ذلك، لم يتردّد ماسك في التعبير عن إحباطه من النتائج التي تحقّقت في الحكومة الفيدرالية، فضلاً عن خيبة أمله من قانون التخفيضات الضريبية لترمب، المعروف بـ«القانون الكبير والجميل». وقال ماسك في مقابلة مع شبكة «سي بي إس نيوز»: «بصراحة، لقد شعرت بخيبة أمل لرؤية مشروع قانون الإنفاق الضخم، الذي يزيد من عجز الموازنة، ولا يقللها، ويقوض العمل الذي يقوم به فريق دوج». كما فوجئ ماسك بردود الفعل العنيفة التي واجهها، سواء على المستوى الشخصي، أو تجاه شركته للسيارات الكهربائية، نتيجة دوره في الوزارة.
انتكاسات «تسلا»
وواجهت شركة «تسلا» انخفاضاً في الأرباح بنسبة 71 في المائة، وتراجعاً كبيراً في مبيعاتها خلال الربع الأول من العام، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وعزا الخبراء والمحللون مشاكل الشركة، إلى حد كبير، إلى دور ماسك المثير للجدل داخل إدارة ترمب، حيث أشرف على عمليات تسريح واسعة النطاق، وتخفيضات في الميزانية في الحكومة الفيدرالية. كما تسبّبت تصريحاته السياسية، التي عدّت تدخلاً في شؤون الدول الأوروبية، بموجة احتجاجات غير مسبوقة في الكثير منها، وقام المتظاهرون بمهاجمة صالات عرض سيارات «تسلا»، وكذلك أحد مصانعها في ألمانيا.
وعبّر ماسك عن أسفه للانتقادات التي وجهت لوزارة كفاءة الحكومة، والضرر الذي لحق بسمعة شركاته. وقال في مقابلات صحافية إن التحديات التي واجهها في محاولة تقليص حجم الحكومة الفيدرالية «أصعب بكثير» مما كان يتوقع. وقال إن «وضع البيروقراطية الفيدرالية أسوأ بكثير مما كنت أعتقد. كنت أعتقد أن هناك مشاكل، لكنها بالتأكيد معركة شاقة في محاولة تحسين الأمور في العاصمة، على أقل تقدير».
نتائج متواضعة
فشل ماسك في تحقيق أهداف «دوج» المعلنة، بتقليص حجم الحكومة وتوفير أكثر من تريليوني دولار. وبلغ حجم التوفير الذي حققته إدارة «دوج» 162 مليار دولار، وهو أقل بكثير من الزيادة الهائلة على الإنفاق الذي سيضيفها مشروع موازنة ترمب، في حال صادق عليه الكونغرس.
إلى ذلك، تسبّبت «دوج» في فوضى بالبيروقراطية الفيدرالية، حيث أدّى سعيها إلى إلغاء الوظائف والبرامج التي لا تتوافق آيديولوجياً مع سياسات إدارة ترمب، إلى القضاء فعلياً على إدارات ووكالات بأكملها وعمليات طرد جماعية أحدثت صدمة لدى موظفي الحكومة. ورفعت نقابات فيدرالية التي تحمي الموظفين الحكوميين في 14 ولاية أميركية، دعاوى قضائية ضد «دوج»، تتهمها بانتهاك قواعد الشفافية والإفصاح والتوظيف.
ومع انتهاء فترة عمله الرسمية مع إدارة ترمب، لم تتضّح بعد طبيعة العلاقة التي قد تجمع ماسك بالحكومة الفيدرالية، التي تربطه بها عقود تجارية كبرى، خصوصاً عبر شركتي «ستارلينك» لخدمة الإنترنت عبر الأقمار الاصطناعية، و«سبيس إكس» لإطلاق الصواريخ والمركبات الفضائية.
ويخطط ماسك الشهر المقبل لإطلاق أول سيارة كهربائية ذاتية القيادة بالكامل في مدينة أوستن عاصمة تكساس، الأمر الذي عده «بالغ الأهمية» لمستقبل «تسلا»، في الوقت الذي تُجري فيه الإدارة الوطنية لسلامة المرور تحقيقات في حوادث السيارة وحوادث تتعلق بتكنولوجيا القيادة المساعدة الخاصة بها.
كما تواجه شركة «سبيس إكس» تحديات كبيرة، بعد الانتكاسة الجديدة التي تعرضت لها قبل يومين رحلة تجريبية أخرى لمركبة «ستارشيب»، التي يأمل ماسك أن تحمل البشر إلى كوكب المريخ، بعد انفجارها بالكامل.
ويواجه ماسك منافسة شديدة من الصين، سواء في مجال السيارات الكهربائية أو في الفضاء، بعد النجاحات التي حققتها أخيراً، حيث يسعى إلى إعادة تفوق شركاته في هذين المجالين.
اكتشاف المزيد من اشراق اون لاين
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.