صحيفة الشرق الأوسط – «أفكار جديدة» تنعش جهود استئناف مفاوضات «هدنة غزة»

يسعى الوسطاء لكسر جمود المفاوضات المتعثرة بشأن عودة التهدئة في قطاع غزة، تزامناً مع زيارة لوفد من حركة «حماس» للقاهرة؛ لبحث «أفكار جديدة للتهدئة» واجتماع للمجلس الوزاري المصغر الإسرائيلي لبحث مستجدات ملف الرهائن.
ويتزامن الحراك المتصاعد منذ انهيار اتفاق الهدنة في 18 مارس (آذار) الماضي وتعثر 4 مقترحات لاستئنافه، مع ترقب زيارة للرئيس الأميركي، دونالد ترمب للمنطقة الشهر المقبل، وقد «تنعش» تلك الأفكار الجديدة جهود استئناف مفاوضات التهدئة، حسب مصادر متطابقة تحدثت لـ«الشرق الأوسط» مرجحة أن تسفر جهود إحياء المفاوضات عن هدنة مؤقتة تمتد لأخرى أوسع.
مقترح من «حماس»
وكشف مصدر مطلع في حركة «حماس»، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، عن طرح ستقدمه الحركة في اجتماع بالقاهرة، يتضمن 5 بنود، من ضمنها صفقة شاملة وإتمام هدنة طويلة تصل إلى خمس سنوات مع اشتراط ضمانات إقليمية ودولية.
وقال المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه لحساسية موقعه، إن الإطار الذي ستعرضه الحركة يتضمن أولاً الاتفاق على صفقة تبادل شاملة للأسرى بين الطرفين، رزمة واحدة وفق آليات وتوقيتات يتفق عليها (جميع أسرى الاحتلال الإسرائيلي، مقابل عدد يتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين)، مقابل وقف دائم لإطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال من كامل قطاع غزة، وإعادة الإعمار، ورفع الحصار.
كما يتضمن الطرح ثانياً: استعداد «حماس» لوقف إطلاق نار طويل لمدة خمس سنوات بضمانات إقليمية ودولية، وفق المصدر ذاته.
ويشمل الإطار في البند الثالث التأكيد على أنه «فور الاتفاق على هذا الإطار تتم عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل 2 مارس 2025، بما في ذلك وقف العمليات العسكرية، وانسحاب قوات الاحتلال إلى ما كانت عليه وفق الاتفاق 17/1/2025، ودخول المساعدات الإغاثية، وفق البروتوكول الإنساني».
وجاء رابعاً ضمن الطرح: «تشكيل لجنة محلية من مستقلين تكنوقراط لإدارة غزة بكامل الصلاحيات والمهام، وفق المقترح المصري للجنة الإسناد المجتمعي».
ويشمل البند الخامس والأخير من طرح «حماس» خلال اجتماع القاهرة «الاستعداد للتوافق الوطني الفلسطيني في إطار الاتفاقيات التي جرت بين الفصائل الفلسطينية، وآخرها اتفاق بكين 2024».
وغادر وفد من «حماس» الدوحة متوجهاً للقاهرة، الثلاثاء، لبحث «أفكار جديدة لوقف إطلاق النار في غزة»، وفق ما ذكره قيادي بالحركة، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».
جهود جدية
فيما نقلت شبكة «بي بي سي» البريطانية عن مسؤول فلسطيني رفيع المستوى، لم تذكر هويته، أن وسطاء قطريين ومصريين اقترحوا صيغة جديدة لإنهاء الحرب في غزة تتضمن هدنة تستمر ما بين خمس وسبع سنوات، وإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين مقابل إطلاق سراح السجناء الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، مع إنهاء رسمي للحرب، وانسحاب إسرائيل بالكامل من غزة، واصفاً جهود الوساطة الحالية بالجدية.
وانهار آخر اتفاق لوقف إطلاق النار في 18 مارس عندما استأنفت إسرائيل قصف غزة، ورفضت دخول المرحلة الثانية الممهدة لإنهاء الحرب، ولم تنجح مقترحات مصرية إسرائيلية أميركية في مارس الماضي، وأوائل أبريل (نيسان) الحالي في حلحلة الأزمة.
وقبل أسبوع أعلنت مصادر مصرية لقناة «القاهرة الإخبارية»، أن «مصر تسلمت مقترحاً إسرائيلياً بوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة، وبدء مفاوضات تقود لوقف دائم لإطلاق النار، سلمته إلى (حماس)»، ودون أن تعلن رفضاً صريحاً خرجت الحركة في خطاب متلفز مطالبة بصفقة شاملة، متهمة نتنياهو باستخدام الصفقات الجزئية في أجندته السياسية وعدم الالتزام بإنهاء الحرب، وسط تعثر بالمفاوضات.
وتأتي زيارة «حماس» للقاهرة عقب لقاء وفد الحركة برئاسة القيادي محمد درويش، وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الأحد، وأكد مصدران من حركة «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، الاثنين، أن الحركة تريد دعماً من تركيا، لنقل رؤيتها إلى إدارة ترمب بشأن «الصفقة الشاملة»، في ظل «العلاقات الجيدة بينهما».
وقف الحالة المتردية
ووفد «حماس» الذي يصل إلى القاهرة بعد زيارة أنقرة يأتي وفق تقديرات أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية، الدكتور طارق فهمي، في إطار «ترتيبات لوقف إطلاق النار في غزة ستناقش وستشهد طرح أفكار جديدة».
ولفت فهمي إلى أن «طرح الهدنة الطويلة ليس جديداً، لكن القضية الجوهرية المطروحة حالياً لدى الوسطاء هي وقف إطلاق النار بشكل مؤقت، والإفراج عن أكبر عدد من الرهائن والأسرى الفلسطينيين، وعرض أفكار لإنهاء الحرب على الحركة لإنجاز ذلك المسار ولو بضغوط لوقف الحالة المتردية بالقطاع، خاصة أن (حماس) ليست لديها خيارات كثيرة وتقوم بمناورات يقابلها تصعيد إسرائيلي أدى لاحتلال 40 في المائة من مساحة القطاع».
ولم تصدر إسرائيل أي تعليق على هذه الخطة المحتملة التي اقترحها الوسطاء، غير أنها تأتي بالتزامن مع عقد مجلس الوزراء الإسرائيلي الأمني، اجتماعاً الثلاثاء، لبحث قضايا مرتبطة بالرهائن، وفق ما ذكرته القناة الإخبارية «12» الإسرائيلية، الاثنين.
وتحدثت «تايمز أوف إسرائيل»، الثلاثاء، عن وصول وفد إسرائيلي إلى القاهرة مساء الأحد، وأنه أجرى في اليوم التالي محادثات مع وسطاء في محاولة لتحقيق اختراق في المفاوضات مع «حماس» بشأن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن من غزة.
ولم تعلن القاهرة تفاصيل بشأن تحركاتها الجديدة، لكن وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي استعرض مع نظيره اللبناني يوسف رجي، الثلاثاء، بالقاهرة «الجهود التي تبذلها مصر لاستئناف تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بما يساهم في تحقيق التهدئة واستعادة نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة»، وفق بيان للخارجية المصرية، دون أن يوضح تفاصيل بشأن طبيعة تلك الجهود.
ويؤكد فهمي، أن التحركات الجديدة تشير إلى أن هناك إصراراً من مصر وقطر على إنجاح المفاوضات، مرجحاً التوصل لاتفاق قبل أن يزور ترمب المنطقة.
اكتشاف المزيد من اشراق اون لاين
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.