تقود صناديق الثروة السيادية في دول مجلس التعاون الخليجي صفقات عالمية بقيمة 55 مليار دولار
الإصلاحات التنظيمية تساعد على دفع النمو في قطاع العقارات التجارية في المملكة العربية السعودية
جدة: يشهد قطاع العقارات التجارية في المملكة العربية السعودية نمواً قوياً، مدفوعاً بزيادة الطلب في الصناعات الرئيسية، بما في ذلك المكاتب والضيافة ومراكز البيانات.
ويتطور القطاع أيضًا مع التركيز على التقنيات الذكية والاستدامة والأصول المتخصصة، مما يعكس أهداف التحول الاقتصادي الأوسع للمملكة.
وتلعب المبادرات الحكومية الإستراتيجية، مثل رؤية 2030، وزيادة الاستثمار الأجنبي، دورًا حاسمًا في هذا التوسع، كما أبرز تقرير نايت فرانك الأخير.
أصبحت المدن الرئيسية في المملكة مراكز إقليمية للنشاط التجاري، مما يجذب الشركات العالمية ويدعم جهود التنويع الاقتصادي في المملكة العربية السعودية.
ومع استمرار المملكة في تنفيذ استراتيجيات رؤية 2030، يستعد قطاع العقارات التجارية للعب دور محوري في تشكيل مستقبل المشهد الحضري والنمو الاقتصادي في البلاد.
وتبقى العاصمة الرياض في مركز هذه الزيادة، حيث تجتذب العديد من الشركات الإقليمية والعالمية، في حين تظهر مدن أخرى مثل جدة علامات مبكرة للنمو.
ووفقاً لمراجعة نايت فرانك نصف السنوية للاتجاهات الرئيسية وأداء السوق في المملكة لصيف 2024، فإن هذا النمو مدفوع بارتفاع الطلب وبدعم من مبادرات الإصلاح الحكومية الاستراتيجية.
وأظهر التقرير الصادر عن شركة الاستشارات العقارية العالمية ومقرها لندن، أن سوق المكاتب في الرياض ديناميكي بشكل خاص، مستفيدًا من مبادرة برنامج المقر الإقليمي، التي اجتذبت الشركات الأوروبية وحفزت الطلب على المساحات المكتبية.
وفي عام 2023، وصلت الإيرادات غير النفطية للسعودية إلى 50 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لأول مرة، بقيمة 453 مليار دولار، بحسب وزارة الاقتصاد والتخطيط.
وأضاف التقرير أن هذا النمو الاقتصادي عزز بشكل كبير الطلب على العقارات التجارية في جميع القطاعات، حيث شهد سوق المكاتب في الرياض أكبر استفادة مع ارتفاع الطلب على المساحات المكتبية.
ولا يزال قطاع العقارات التجارية قوياً، حيث استقرت عائدات المكاتب عند 7.75%، مدعومة بتقلص التوفر والزيادة السريعة في الإيجارات.
ويتزايد أيضًا اهتمام المستثمرين في المملكة العربية السعودية، حيث منحت الحكومة رقمًا قياسيًا بلغ 2884 ترخيصًا استثماريًا في الربع الأخير من عام 2023، مما يمثل زيادة بنسبة 125 بالمائة على أساس سنوي.
وأشار نايت فرانك أيضًا إلى أنه في الربع الأول من عام 2024، سجلت المملكة 104000 تسجيل تجاري جديد، بزيادة 59 بالمائة عن نفس الفترة من العام السابق، ليصل المجموع إلى أكثر من 1.45 مليون تسجيل.
وفي حديثه إلى عرب نيوز، سلط إلياس أبو سمرة، الرئيس التنفيذي لشركة رافال للتطوير العقاري، الضوء على الاتجاهات الحالية التي تشكل سوق العقارات التجارية في المملكة العربية السعودية والتي جعلت الرياض تصبح نقطة جذب للعقارات التجارية على المستوى الإقليمي.
“لقد اجتذبت العاصمة أكثر من 500 شركة إقليمية وعالمية منذ إطلاق برنامج المقر الرئيسي من قبل الهيئة الملكية لمدينة الرياض في عام 2021. ونتوقع إمدادًا جديدًا بحوالي 5 ملايين متر مربع من المساحات المكتبية بحلول عام 2030، ونعتقد أن وقال إن هذا بالكاد يتناسب مع الطلب المكبوت.
وأضاف أبو سمرة أنه بالنسبة للمدن الكبرى الأخرى، يظل الطلب محليًا والنمو عضويًا، في انتظار إطلاق بعض المبادرات والحوافز مثل المناطق الاقتصادية الخاصة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية والمنطقة الشرقية.
وأشار المسؤول التنفيذي إلى أن الرياض استوعبت 90 في المائة من الطلب في السنوات الأخيرة، ومن المتوقع أن تستمر في ذلك خلال السنوات الأربع المقبلة. وأضاف أيضًا أن مدينة جدة الساحلية تشهد علامات مبكرة للنمو حيث تصل المخططات الرئيسية الكبرى ومشاريع البنية التحتية إلى مراحل التصميم المتقدمة.
وقال: “تواصل المدن الأخرى خدمة أسواقها المحلية والإقليمية بنمو مستدام بنسبة 5 في المائة سنوياً، ومع ذلك لا توجد تحولات نموذجية معقولة حتى الآن”.
وسيستمر القطاع في الاستفادة من جهود التحول الرقمي المستمرة، حيث تلعب التكنولوجيا دورًا حاسمًا في تشكيل مساحات أكثر ذكاءً وكفاءة.
وقال ممدوح الدبيان، العضو المنتدب لشركة جلوبانت لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن الدعم الحكومي إلى جانب التركيز المتزايد على الاستدامة وتنفيذ التقنيات الذكية سيدفع توسع السوق.
وقال: “إن العوامل الرئيسية مثل الاستثمار الأجنبي، وتطور الأطر التنظيمية، والطلب على مساحات العمل المبتكرة والمرنة ستلعب أيضًا دورًا حاسمًا في نمو القطاع”، مضيفًا أن شركته في وضع جيد لدعم هذا التحول.
وفيما يتعلق بمحركات النجاح المستقبلية للقطاع في المملكة العربية السعودية، أكد أبو سمرة أنها تتجاوز العرض والطلب الأساسي، مشددًا على تحول السوق نحو التطويرات متعددة الاستخدامات والموجهة نحو النقل، مما يعكس قدرًا أكبر من التطور.
“على هذا النحو، ينبع جزء من الطلب من الترقيات ضمن المخزون الحالي من المساحات المكتبية، وتحويل المخزون القديم إلى فئات الأصول البديلة. وقال الرئيس التنفيذي إن الدافع الآخر هو تحديث وانفتاح البيئة التنظيمية والكيانات شبه الحكومية التي تمهد الطريق بشكل مشترك للمنتجات المبتكرة.
وأضاف أبو سمرة أن المكعب في مشروع المربع الضخم الجديد بالرياض هو شهادة على الحدود الجديدة للعقارات التجارية في المملكة العربية السعودية.
وفي معرض حديثه عن تأثير رؤية السعودية 2030 على التوجه الاستراتيجي للتطوير العقاري التجاري، أشار الرئيس التنفيذي لشركة رافال إلى أن خطة نهاية العقد للمملكة تمس جميع قطاعات الاقتصاد، وتعزز الصناعات القائمة وتقدم صناعات جديدة مثل التعدين والسياحة والحوسبة السحابية.
وأضاف: “ونتيجة لذلك، فإننا ننتقل من سوق العقارات التجارية الذي يناسب الجميع إلى الأصول المتخصصة”.
وحدد أبو سمرة مراكز البيانات باعتبارها الإضافة الجديدة الرائدة لسوق العقارات التجارية، تليها قطاعات الخدمات اللوجستية والطبية الحيوية. ويؤكد أن هذه التطورات مدفوعة برؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد من خلال تعزيز الصناعات الجديدة وتقليل الاعتماد على النفط.
وسلط أبو سمرة الضوء على المناطق أو القطاعات داخل العقارات التجارية التي تجتذب حاليًا أكبر قدر من الاستثمار، وأشار إلى أنه بالإضافة إلى المساحات المكتبية التجارية السائدة، شهد القطاعان الصناعي واللوجستي نموًا مضاعفًا منذ عام 2021.
وأكد أيضًا أن اللاعبين الإقليميين الرئيسيين يدخلون هذه الأسواق، وأن الاستثمارات الأجنبية المباشرة في هذه القطاعات مستمرة في التدفق إلى المملكة.
ومن ناحية أخرى، أصبحت التكنولوجيا ضرورية لنجاح كل صناعة، والعقارات التجارية ليست استثناءً.
وقال الدبيان من شركة جلوبانت إن التقدم التكنولوجي، بما في ذلك تقنيات البناء الذكية والمنصات الرقمية، يشكل صناعة العقارات التجارية في المملكة العربية السعودية، مما يؤكد تأثيرها التحويلي على القطاع في المملكة.
وقال: “إن تقنيات البناء الذكية، المتكاملة مع إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي وتحليلات البيانات، تتيح إنشاء مساحات أكثر ذكاءً وكفاءة وتكيفاً”، مضيفاً أن شركته تركز على تعزيز التجارب المتصلة داخل الأماكن الذكية، مما يسمح لأصحاب المباني المشغلين لتقديم تجارب سلسة للمستأجرين والزوار، مع تحسين إدارة الموارد.
وقال كذلك إن المنصات الرقمية تُحدث أيضًا ثورة في إدارة الممتلكات، مما يجعل من الممكن مراقبة العمليات وأتمتتها في الوقت الفعلي. “هذا التطور هو المفتاح لدعم رؤية المملكة الأوسع للمدن الذكية والنمو الحضري المستدام.”
تعطي الحكومة السعودية الأولوية للقطاع العقاري، حيث أصدرت أكثر من 18 تشريعًا، اعتبارًا من شهر مايو، لدفع نموها وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي بشكل كبير.
وتشمل هذه الأنظمة العقارية، واللوائح التنفيذية، والقواعد التنظيمية، مما يعكس التزام الحكومة بهذا القطاع كجزء من رؤية 2030.
وبلغ دور القطاع ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة 5.9 بالمئة في الربع الرابع من عام 2023.
وبالنظر إلى تأثير التغييرات التنظيمية والسياسية الأخيرة على سوق العقارات التجارية، ذكر الدبيان أن التحولات التنظيمية في المملكة العربية السعودية، بما في ذلك تنفيذ قوانين ملكية أكثر شفافية وحوافز الاستثمار الأجنبي، أدت إلى زيادة جاذبية السوق بشكل كبير.
وقال: “تخلق هذه الإصلاحات بيئة مواتية للاستثمار والتعاون الدوليين، وهو ما يتماشى مع أهداف رؤية 2030 المتمثلة في تنويع الاقتصاد، مع إدخال المزيد من السياسات لجذب الشركات العالمية”.
وتوقع أن يشهد القطاع العقاري نموا مستمرا، خاصة في مشاريع التحول الرقمي التي تعزز الكفاءة التشغيلية والاستدامة.
وأضاف الدبيان أن الاستدامة أمر أساسي لمستقبل العقارات التجارية في المملكة العربية السعودية.
وشدد على أن البلاد تخطو خطوات واسعة نحو ممارسات البناء الأخضر، والتي أصبحت على نحو متزايد أولوية للمطورين والمستأجرين على حد سواء.
وقال: “إن شهادات مثل الريادة في الطاقة والتصميم البيئي، أو LEED، تكتسب زخمًا، مما يشجع المباني على تقليل استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون”.
اكتشاف المزيد من اشراق اون لاين
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.