أهم الأخبار

واشنطن تكشف عن دعم سري لصناعة الطائرات دون طيار في أوكرانيا


كشفت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي يستعد لتسليم السلطة إلى الرئيس المنتخب، دونالد ترمب، يوم الاثنين، عن معلومات مثيرة حول كيفية قيامها بمساعدة أوكرانيا في صناعة وتطوير الطائرات العسكرية دون طيار، منذ الأيام الأولى لتصدّيها للغزو الروسي عام 2022.

جنديان أوكرانيان يطلقان طائرة استطلاع مسيّرة قرب الجبهة في دونيتسك (رويترز)

وقال مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، إن هذا الدعم كان له «تأثير استراتيجي حقيقي» على الحرب. وأضاف سوليفان، في بيان يوم الخميس: «لقد رأينا كيف أصبحت الطائرات دون طيار محورية بشكل متزايد للقتال في أوكرانيا، وستكون محورية لجميع المعارك المستقبلية».

وقال سوليفان إن الجهود الأميركية لمساعدة أوكرانيا على تطوير الطائرات دون طيار، بدأت بعد الهجوم المضاد الأول لأوكرانيا في خريف عام 2023، عندما أصبحت حدود القدرات التقليدية لأوكرانيا واضحة. وأضاف أن الجهود تسارعت استعداداً للهجوم المضاد الثاني لأوكرانيا.

جنود أوكرانيون يشتغلون على طائرات مسيّرة في موقعهم قرب خط المواجهة في زابوريجيا (رويترز)

غير أن هذا الهجوم، كما هو معروف، كان أقل نجاحاً؛ حيث إن أوكرانيا لم تكتسب في نهاية المطاف كثيراً من الأرض، كما كانت تخطط له. ويرجع ذلك جزئياً إلى استخدام روسيا الطائرات دون طيار، وفق مسؤولين أميركيين.

ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن المسؤولين قولهم، إن الهجوم المضاد في عام 2023 كان درساً قاسياً؛ إذ هاجمت طائرات دون طيار روسية، الدبابات والمركبات المدرعة التي قدّمتها الولايات المتحدة ودول أوروبية أثناء محاولتها التنقل عبر حقول الألغام. وبعد هذا الهجوم المضاد الفاشل، زادت واشنطن بسرعة من دعمها لصانعي الطائرات دون طيار الأوكرانيين، بناءً على جهود كييف لتنمية صناعتها الخاصة. وإضافة إلى المساعدات المالية، عملت إدارة بايدن على بناء علاقات بين شركات التكنولوجيا الأميركية وصانعي الطائرات دون طيار الأوكرانيين تكريساً لصمود أوكرانيا.

جنود يجهزون سرية الطائرات المسيّرة التابعة لـ«اللواء 28» (رويترز)

وقالت وزارة الدفاع، الجمعة، إن القوات الروسية استعادت 63.2 في المائة من الأراضي التي استولت عليها أوكرانيا في منطقة كورسك، غرب روسيا. وكانت قد اقتحمت القوات الأوكرانية في السادس من أغسطس (آب) من العام الماضي الحدود مع روسيا في هجوم مباغت، واستولت على مساحة من الأراضي يُعتقد أنها قد توفر لكييف ورقة تفاوض قوية في محادثات محتملة لإنهاء الحرب.

وعدّ الكشف عن تلك المعلومات جزءاً من الجهود التي سعت إليها إدارة بايدن، جنباً إلى جنب مع العقوبات الاقتصادية التي قامت بتغليظها في الآونة الأخيرة، على قطاع النفط الروسي، لتمكين أوكرانيا من الصمود وفرض وقائع لا يمكن كسرها ببساطة، في ظل احتمال أن يقوم ترمب بعد تسلمه السلطة، بوقف المساعدات لأوكرانيا أو خفضها على الأقل، وحديثه عن إنهاء الحرب بسرعة.

زيلينسكي ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك (إ.ب.أ)

الكرملين قلق من الدور البريطاني

قال الكرملين، الجمعة، إن أي نشر لأصول عسكرية بريطانية في أوكرانيا بموجب اتفاق شراكة جديد مدته 100 عام بين كييف ولندن سيكون مصدر قلق لموسكو. جاء ذلك في تعليقات للمتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، ردّاً على استفسارات حول إمكانية إنشاء قواعد عسكرية بريطانية في أوكرانيا بموجب اتفاق أعلنه، الخميس، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.

وقال بيسكوف كما نقلت عنه «رويترز»: «بالنظر إلى أن بريطانيا عضو في حلف شمال الأطلسي، يُشكل تقدم بنيتها التحتية العسكرية باتجاه حدودنا بالتأكيد مصدر قلق. وبشكل عام، سيكون من الضروري إجراء تحليل أعمق لما سيحدث».

ووصل رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إلى وارسو، الجمعة، لإجراء محادثات مع نظيره البولندي دونالد توسك، وذلك غداة زيارته الأولى لأوكرانيا. في هذه المناسبة، من المتوقع أن تبدأ المملكة المتحدة وبولندا مناقشات حول وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقية دفاعية وأمنية جديدة، وفقاً لمكتب ستارمر.

وقال ستارمر في بيان: «في مواجهة التهديدات المتزايدة باستمرار لأمن أوروبا، حان الوقت للارتقاء بشراكتنا إلى المستوى الأعلى، لضمان معالجة القضايا الكبيرة التي تؤثر على البريطانيين في الداخل، سواء كان الأمر متعلقاً بعدوان (الرئيس الروسي فلاديمير بوتين) أو العصابات الخسيسة لمهربي البشر الذين يتاجرون بالبؤس البشري». وقال ستارمر: «المملكة المتحدة وبولندا حليفتان منذ فترة طويلة، ويعود تعاوننا إلى أجيال مضت».

ويوم الخميس، أعلن وزير الخزانة الأميركي العتيد، سكوت بيسنت، تأييده تشديد العقوبات على روسيا، خصوصاً في المجال النفطي، إذا كان هذا الأمر «جزءاً من استراتيجية» الرئيس المنتخب دونالد ترمب، وذلك خلال جلسة تثبيته أمام مجلس الشيوخ.

وقال بيسنت أمام أعضاء مجلس الشيوخ: «إذا تمّ تثبيتي في هذا المنصب، وطلب الرئيس ترمب ذلك، وإذا كان ذلك جزءاً من استراتيجيته لإنهاء الحرب في أوكرانيا، فأنا على استعداد تامّ لتشديد العقوبات على روسيا، خصوصاً في المجال النفطي، وبالمستويات اللازمة لإرغام موسكو على الجلوس إلى طاولة المفاوضات».

استثمارات سرية كبيرة

وقال المسؤولون الأميركيون إنهم قاموا باستثمارات كبيرة وسرية، ساعدت أوكرانيا في بدء وتوسيع إنتاجها من الطائرات دون طيار. وفي الآونة الأخيرة، جرى الإعلان عن كثير من المساعدات الأميركية للجيش الأوكراني، بما في ذلك مليارات الدولارات من الصواريخ وأنظمة الدفاع الجوي، والدبابات، والمدفعية، والتدريب. لكن دعم صناعة الطائرات المسيرة بقي سريّاً إلى حد كبير، وشمل تطوير جيل جديد من الطائرات دون طيار، وإحداث ثورة في كيفية خوض الحروب. وهو ما تحدّث عنه مسؤولون من حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن استفادة الحلف من تجارب الحرب التي تخوضها أوكرانيا ضد روسيا.

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يوقعان اتفاقاً تاريخياً (أ.ب)

ووفق المسؤولين الأميركيين، كان الدعم الأميركي في البداية غير مفهوم بشكل جيد، وعدّ تطويراً لصناعة تحويلية لهذه الطائرات، لكن هذا الدعم تطور لاحقاً بشكل جذري، إذ إنه، إضافة إلى الدعم الفني، فقد أنفقت الولايات المتحدة أموالاً كثيرة، لتعزيز إنتاج الطائرات دون طيار في أوكرانيا. وشملت الجهود الأميركية دعم مصنعيها وشراء الأجزاء، كما أرسلت الولايات المتحدة مسؤولين استخباراتيين إلى أوكرانيا للمساعدة في بناء برنامجها.

جنود روس في مكان غير معلن في أوكرانيا (أ.ب)

«سي آي إيه» دعمت البرنامج سرّاً

وفي الخريف الماضي، خصص البنتاغون 800 مليون دولار لإنتاج الطائرات دون طيار في أوكرانيا، التي تم استخدامها لشراء مكوناتها وتمويل صانعيها. وعندما زار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي البيت الأبيض في سبتمبر (أيلول)، قال الرئيس بايدن إن 1.5 مليار دولار أخرى ستوجه إلى صناعة الطائرات دون طيار في أوكرانيا.

وفي مقابلة هذا الأسبوع، أشار مدير وكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه)، ويليام بيرنز، بشكل غير مباشر إلى دعم وكالته لبرنامج الطائرات دون طيار في أوكرانيا.

وقال بيرنز: «أعتقد أن دعمنا الاستخباراتي ساعد الأوكرانيين على الدفاع عن أنفسهم، ليس فقط في تبادل المعلومات الاستخباراتية، بل دعم بعض الأنظمة التي كانت فعالة للغاية».

وقال المسؤولون الأميركيون إنهم يعتقدون أن الاستثمارات جعلت الطائرات دون طيار الأوكرانية أكثر فاعلية وفتكاً. وأشاروا إلى أن الطائرات دون طيار البحرية الأوكرانية دمرت ربع أسطول روسيا في البحر الأسود، وأن الطائرات دون طيار المنتشرة على الخطوط الأمامية ساعدت في إبطاء تقدم روسيا في شرق أوكرانيا.

صورة من مقطع فيديو وزعته دائرة الصحافة التابعة لوزارة الدفاع الروسية 16 يناير 2025 تُظهر قاذف الصواريخ الثقيل «TOS-1A Solntsepyok» يُطْلِق النار باتجاه مواقع أوكرانية (أ.ب)

مركز مشترك لـ«الناتو» وأوكرانيا

وفي سياق محاولة الاستفادة من دروس الحرب الروسية – الأوكرانية، التي تدخل عامها الرابع الشهر المقبل، كشف حلف شمال الأطلسي (الناتو) عن افتتاح مركز جديد في بولندا، الشهر المقبل، مع الأوكرانيين، لدراسة ما تم تعلمه في مجالات مثل حرب الطائرات دون طيار، والدفاعات الجوية، والذكاء الاصطناعي. وستتم تسميته مركز التحليل والتدريب والتعليم المشترك لحلف شمال الأطلسي وأوكرانيا، (جاي إيه تي إي سي)، وسيتخذ من مدينة بيدغوشتش البولندية الشمالية مقرّاً له.

وتم التصديق رسمياً على إنشاء المركز من قبل القادة في قمة الحلف التي انعقدت في واشنطن في يونيو (حزيران) الماضي. وفيما لا تزال كييف تنتظر دعوة رسمية للانضمام إلى التحالف، جرى تأسيس المركز بوصفه أول مؤسسة مشتركة بينهما.

ونقلت مجلة «بوايتيكو» عن القائد الأعلى لحلف «الناتو»، الأدميرال الفرنسي، بيير فاندير، قوله: «لقد مرت 3 سنوات، وهناك سؤال حقيقي حول ما تعلمناه، وما الذي سنُغيره، مع العلم بأن العدو يتكيف أيضاً بسرعة وعلى نطاق واسع».

التعلّم من حرب أوكرانيا

وقال فاندير إن أحد المجالات الرئيسية التي يجب استكشافها تُركز على كيفية دمج الحرب الأوكرانية لتكنولوجيا عصر الفضاء مع القتال الوحشي في الخنادق والقصف المدفعي، واصفاً إياه بأنه «مزيج بين الحرب العالمية الأولى وحرب المستقبل».

وقال: «اليوم، لدينا رؤية أفضل للمزيج بين المنصات القديمة -المدفعية والدبابات والطائرات والسفن- والقدرات الجديدة التي تستخدم أنظمة دون طيار، أي الروبوتات وتكنولوجيا المعلومات».

دونالد ترمب يتحدث إلى جانب فلاديمير بوتين خلال لقاء جمعهما في اليابان عام 2019 (أرشيفية – رويترز)

وأوضح الأدميرال الفرنسي أن المدفعية الأوكرانية أصبحت أكثر كفاءة، ومن ثم أكثر فتكاً. وقال إن هذا النوع من الدروس ضروري لحلف شمال الأطلسي ليظل «موثوقاً تقليدياً واستراتيجياً». ويعكس إنشاء المركز أيضاً، تحول حلف «الناتو» بعيداً عن الحرب ضد الإرهاب ومكافحة التمرد، في بلدان مثل أفغانستان في فترة ما بعد الحرب الباردة، للتركيز مرة أخرى على الاستعداد لصراع محتمل مع روسيا.

وأكد فاندير: «نحن نعود إلى موضوعات تم إهمالها إلى حد ما منذ نهاية الحرب الباردة».



المصدر


اكتشاف المزيد من اشراق اون لاين

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اشراق اون لاين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading