مصر توسع حضورها الأفريقي بتعزيز التعاون مع الغابون

مصر: نتائج انتخابات «نقابة الصحفيين» لا تخلو من سياسة
على الرغم من انتهاء انتخابات «نقابة الصحفيين» المصرية التي شهدت أكبر نسبة مشاركة للجمعية العمومية؛ فإنها فتحت نقاشات حول أسباب بقاء النقيب اليساري خالد البلشي لدورة ثانية، بعد هزيمته منافسه الأبرز عبد المحسن سلامة، المرشح المُقرّب من السلطات، عضو «المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام» الحكومي.
ولم يتوقف الجدل على مستوى النقيب فقط؛ بل امتد إلى الأعضاء الذين أسفرت النتائج عن فوز عضوَيْن محسوبَيْن على اليسار وتيار الاستقلال النقابي، وكذلك أسماء قوية ينتمي اثنان منهما إلى المؤسسات الحكومية، وهو ما يرجعه مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو الشوبكي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى تغييرات كبيرة لحقت بالجماعة الصحافية لم تجعل الخدمات المدعومة حكومياً ذات تأثير كبير أو حاسم، في ظل قضايا وملفات باتت وجودية وسط أجيال جديدة ضخت بالكتل التصويتية لم يكن أغلبها بتلك المؤسسات التابعة للدولة، التي تشهد وقف التعيينات منذ فترة.
وبعد تنافس 51 مرشحاً، بينهم 8 على مقعد النقيب، أعلنت اللجنة القضائية المشرفة على انتخابات الصحافيين بمصر، مساء الجمعة، فوز النقيب الحالي اليساري المحسوب على تيار الاستقلال خالد البلشي، بدورة ثانية بعدما حصد 3346 صوتاً بنسبة تتجاوز 55 في المائة من المصوتين، الذين بلغت أعدادهم الإجمالية 6051 صحافياً، متقدماً على سلامة الذي سبق أن تمّ انتخابه نقيباً للصحافيين، في مارس (آذار) 2017 لمدة عامَيْن، والذي حصل هذه المرة على 2562 صوتاً.
وعلى مستوى اقتراع عضوية مجلس النقابة، الذي شهد تنافس 43 مرشحاً، فاز 6 أعضاء منهم 3 من المؤسسات الحكومية، وهم: محمد شبانة بإجمالي أصوات 2534، وحسين الزناتي بإجمالي أصوات 2367، وأيمن عبد المجيد بإجمالي أصوات 2434، بجانب محمد السيد الشاذلي الصحافي بجريدة «اليوم السابع» التابعة لـ«الشركة المتحدة» بإجمالي أصوات 2378. وفاز عن تيار الاستقلال اثنان هما: محمد سعد عبد الحفيظ بإجمالي أصوات 2267، وإيمان عوف بإجمالي أصوات 1764.
واكتمل النصاب القانوني لعقد الجمعية العمومية للنقابة، بعد حضور أكثر من 25 في المائة من إجمالي من يحق لهم التصويت، وعددهم 10 آلاف و234 صحافياً بعد 4 تأجيلات لعدم اكتمال النصاب لظروف مرتبطة بشهر رمضان وعيدي الفطر والقيامة.
وأثار سقوط مرشح المؤسسات الحكومية، عبد المحسن سلامة، معركة أُديرت بمنصات التواصل بوصفها سياسية، وأن مرشح السلطة سقط أمام مرشح المعارضة والحريات، ومنها ما ذكره القيادي المعارض اليساري، زهدي الشامي، عبر صفحته بـ«فيسبوك»، بقوله إن نتائج البلشي «أكدت انتصار إرادة الديمقراطية في (نقابة الصحفيين)». فيما رأت الصحافية هبة عفيفي عبر صفحتها بـ«فيسبوك»، أن «نتائج انتخابات الصحافيين لم تكن مجرد مشهد ديمقراطي عابر، بل صرخة بأنها نقابة الحريات».
بينما قال نائب الرئيس التنفيذي للصحف والأخبار لشؤون التحول الرقمي والمشروعات في الشركة المتحدة، الصحافي خالد صلاح، عبر صفحته بـ«فيسبوك»: «عندي ملاحظات كثيرة على انتخابات (نقابة الصحفيين) ونتائجها، ودلالات تلك النتائج مهنياً وليس سياسياً، لكن وحدة الجماعة الصحافية هي الأهم دوماً».
ونصح البلشي بالقول: «تبقى عقيدتي دوماً أن قوة النقابة من قوة المؤسسات الصحافية، وليس في إضعافها، أو خلق أجواء عدائية بين الصحافيين ومؤسساتهم باسم الحرية تارة، وباسم الحزبية والاستقلال تارة أخرى».
بينما استهجن الكاتب الصحافي المصري، محمد علي خير، عبر صفحته بـ«فيسبوك»، «تصوّر البعض أن انتخاب الجماعة الصحافية للبلشي يُعد بمثابة إعلان خصومة للدولة»، مؤكداً أن «العاقل يدرك أنه لا نجاح للنقيب أو لمجلس (نقابة الصحفيين) بمعزل عن التعاون مع الدولة بكل مؤسساتها بل بالتعاون مع الحكومة. والنقيب خالد البلشي ذكي ويعي ذلك جيداً».
بينما قال رئيس تحرير مجلة «روزاليوسف» الحكومية، مستشار الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، أحمد الطاهري، عبر صفحته بـ«فيسبوك»، إن «الجمعية العمومية التي تُعدّ الأكبر في تاريخ النقابة انتخبت زملاء يملكون أفكاراً سياسية مختلفة ومتنوعة، وهذا يدل على وعيها من جهة ومن الجهة الأخرى أن التصويت لم يكن سياسياً، ولم يكن عقابياً، ولكن اتجاهات التصويت في مجملها انحازت إلى العمل النقابي، وهو يختلف عن العمل السياسي والخدمي حتى إن ظهر في نقابة أهل الرأي».
ويعتقد الطاهري أنه بتحليل الأمر على «موقع النقيب فسنجد أن القوة التصويتية التي حصل عليها عبد المحسن سلامة في انتخابات 2025 تقترب من النسبة التي حصل عليها خالد ميري (مرشح المؤسسات الحكومية السابق بانتخابات 2023)، وهي من 2200 صوت إلى 2500، قوامها الرئيسي من الصحافة القومية التي لم يعد بها شباب؛ لأن الشاب في الصحافة القومية فوق الـ40 بسبب توقف التعيينات من 2013، ومن يستحقون التعيين في 2025 أصبحوا بلغة الصحافة من جيل الوسط».
كما أن «فارق التصويت على موقع النقيب بين انتخابات 2023 و2025 مرجعه بُعدان: الأول المشاركة كانت أكبر في 2025، والآخر أن الزميل البلشي الذي لم أنتخبه للمرة الثانية، ولكن أحترمه، نجح في كسب المزيد من ثقة الجمعية العمومية بعد تجربة العامَيْن الماضيَيْن، وهذا يدل أيضاً على أن التصويت كان نقابياً ولم يكن سياسياً أو عقابياً».
ومعلقاً على هذا التباين، ونتائج ذلك الاقتراع، يرى الشوبكي أن «النتائج ليست انتصاراً سياسياً، وإنما تعكس تحولات وتغييرات في الجمعية العمومية للصحافيين، خصوصاً أن هناك أجيالاً جديدة دخلت النقابة من أوساط خارج الصحف القومية التي على عكس الحال لم تعد المكون الأساسي للكتلة التصويتية للجمعية العمومية للصحافيين، والأمر الآخر أن الخدمات صارت متاحة للجميع، وليست مقتصرة على مرشح الخدمات أو المرتبط بالدولة، كما كان يحدث في فترة نقباء سابقين جاء أغلبهم من الصحف القومية، وكانت الخدمات ذات حيز مهم».
ويشير إلى أن خسارة آخر مرشحَيْن اثنَيْن منتمييْن للصحف القومية لمقعد النقيب بانتخابات 2023 و2025، تؤكد أن «طرح الخدمات ليس مقنعاً لأغلب الصحافيين، وأن هناك مشكلات وجودية متعلقة بالأجور وحرية الصحافة وغيرهما لا تحل بمسكنات فقط».
وعن إصرار البعض على جعل نتائج النقابة في خندق السياسة، يوضح الشوبكي أنه «تقليدياً وتاريخياً تشهد النقابة تلك الثنائية؛ مرشح مرتبط بالدولة، وآخر من تيار الاستقلال الذي تكون له رؤيته المستقلة في تقديم مصالح الصحافيين، سواء من خلال الضغوط أو التفاهمات أو ما شابه، وليس معادياً للدولة بالتأكيد».
اكتشاف المزيد من اشراق اون لاين
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.