أهم الأخبار

كيف ينظر الليبيون للدعوة إلى إجراء انتخابات برلمانية «عاجلة»؟


فجرت دعوة النائب الأول لرئيس مجلس النواب الليبي، فوزي النويري، إلى إجراء انتخابات برلمانية عاجلة، جدلاً واسعاً بالساحة السياسية، لكونها تخالف التأكيدات المتكررة لمجلسه طوال السنوات الماضية بضرورة تزامن الانتخابات الرئاسية والتشريعية.

وعدّ أعضاء من مجلس النواب، وخصوصاً بالمنطقة الشرقية، دعوة النويري «رأياً شخصياً»، لا يمثلهم أو يمثل مجلسهم، وذلك رغم نشرها لعدة ساعات على صفحة الناطق باسم المجلس، عبد الله بليحق، بموقع «فيسبوك» قبل حذفها لاحقاً.

النواب من جلسة سابقة لأعضاء مجلس النواب الليبي (المجلس)

في المقابل، رحبت أصوات سياسية، وتحديداً من المناهضين للبرلمان، بتصريحات النويري، وعدتها «خطوة قد تقود لتجاوز حالة الانقسام السياسي والحكومي الراهن».

وانتقد عضو مجلس النواب الليبي، حسن الزرقاء، بيان النويري، مؤكداً أنه «لا تراجع عن موقف البرلمان المعلن، المتمسك بتزامن إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية»، مشيراً إلى أن قرار البرلمان يصدر بالتصويت خلال الجلسات، وليس عبر بيان شخصي.

وبحسب الزرقاء، فإن الاكتفاء بإجراء الانتخابات التشريعية فقط يعد «استنساخاً لتجارب سابقة، ولا يقود لاستقرار البلاد».

«التخوف من نجاح قيادات المجموعات المسلحة، أو شخصيات قريبة منها، في السيطرة على مقاعد هذا البرلمان»، عامل آخر أشار له الزرقاء في تفنيد أسباب رفض الاكتفاء بالتشريعية، وقال لـ«الشرق الأوسط» موضحاً: «في ظل تغول نفوذ تلك المجموعات، وارتفاع معدلات الفساد بالبلاد؛ فمن غير المستبعد أن يشكل هؤلاء الأغلبية بالبرلمان الجديد، مصدر الحكم والتشريعات، مما قد يجهض أي إمكانية لإجراء انتخابات رئاسية بالمستقبل».

أسامة حماد رئيس حكومة الاستقرار الموازية (الاستقرار)

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية بقيادة أسامة حماد، ومكلفة من البرلمان، وتدير المنطقة الشرقية وعدداً من مدن الجنوب وتحظى بدعم المشير خليفة حفتر، قائد «الجيش الوطني».

ونادراً ما يكشف السياسيون الليبيون عن قناعاتهم السياسية، خاصة إذا خالفت مواقف مؤسساتهم؛ إلا أن النويري، الذي حمل بيانه عنوان «نداء لإنقاذ الوطن»، برر ذلك بأنه «لا بديل عن التعجيل بإجراء التشريعية لاستعادة الشرعية، وترسيخ القرار الوطني المستقل، وقطع الطريق أمام استمرار التدخلات الخارجية»، متهماً أطرافاً، لم يسمها، بعرقلة مسار الانتخابات «حفاظاً على مصالحها حتى لو كان الثمن استمرار معاناة الليبيين».

من جهته، قال عضو المجلس الأعلى للدولة، علي السويح، إن لقاء أعضاء بمجلسي النواب و«الدولة» بالعاصمة المصرية القاهرة «لم يتطرق مطلقاً لقضية فصل إجراء الانتخابات التشريعية عن الرئاسية؛ وذلك توافقاً مع ما ورد بالقوانين التي أنتجتها لجنة ( 6+6) وأقرها البرلمان». وقلل السواح في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من إمكانية أن يقود الاكتفاء بإجراء التشريعية، كما يذهب المدافعون عن هذا الطرح، لإقرار دستور للبلاد، يتم عبره حسم الخلاف حول شروط الترشح لمنصب رئيس الدولة.

عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي (رويترز)

وتعد الشروط المتعلقة لمنصب رئيس الدولة، وتحديداً ترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية من عدمه، من بين الأسباب التي تعرقل توصّل أفرقاء الأزمة الليبية لتوافق يقود البلاد نحو الانتخابات.

وذكّر السويح بفشل كل من (المؤتمر الوطني) المنتهية ولايته، والبرلمان الراهن في التوافق حول مشروع الدستور بسبب اتساع الخلاف، وكيف أن الأمر مرشح للتكرار في ظل أي برلمان جديد.

بالمقابل، وصف المحلل السياسي الليبي، عبد الله الكبير، دعوة النويري بـ«التطور الإيجابي»، مؤكداً على أنها حظيت «بتأييد واسع ليس في الغرب الليبي فقط؛ وإنما بالشرق، حيث يوجد مقر البرلمان، ومعقل نفوذه السياسي».

وقال الكبير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «مع احتدام الصراع على منصب رئيس الدولة، وعدم وجود سلطة تفرض نتائج الانتخابات الرئاسية في ظل الانقسام الحكومي، وافتقاد الثقة بين أفرقاء الأزمة الليبية، وكثرة التدخلات الخارجية، فإن الانتخابات البرلمانية تعد مخرجاً حقيقياً لمعالجة عدد من أزمات البلاد». وقال بهذا الخصوص: «بانتخاب برلمان جديد سينتهي دور مجلسي النواب و(الدولة)، وتنتهي معاناة الليبيين من كثرة خلافاتهما حول أي قضية، كما سيشكل هذا البرلمان حكومة جديدة موحدة لعموم البلاد».

واستبعد المحلل السياسي «سيطرة جهة معينة على أغلبية مقاعد هذا البرلمان وتوجيه قراراته»، وقال إن كل الأطراف التي تملك النفوذ والسلطة بالوقت الراهن «من المتوقع أن تكون لها حصة بالبرلمان، عبر نجاحها في دفع بعض الموالين لها لتولي مقاعده».

ليبي يدلي بصوته خلال الانتخابات البلدية في ترهونة (أ.ب)

وبمواجهة من يرفض تكرار الاكتفاء بإجراء التشريعية، بعدّها تجارب سابقة، قال الكبير: «هؤلاء يريدون البقاء في مواقعهم إلى الأبد، والشعب الليبي الآن صار أكثر وعياً، وسيتم وضع إقرار الدستور في أولوياته».

من جانبه، توقع المحلل السياسي الليبي، فرج فركاش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يكون «الاكتفاء بإجراء الانتخابات البرلمانية أولاً أحد المقترحات، التي سوف تنتهي إليها اللجنة الاستشارية التي شكلتها البعثة الأممية مؤخراً، والتي تعد جزءاً من مبادرتها الجديدة لحل الأزمة السياسية».



المصدر


اكتشاف المزيد من اشراق اون لاين

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اشراق اون لاين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading