صحيفة الشرق الأوسط – المدرب السعودي… هل آن أوان التمكين بعد عقود من الغياب؟

لم يكن طرح الاتحاد السعودي لكرة القدم لفكرة إلزام الأندية الرياضية بتعيين مدرب سعودي ضمن الطواقم الفنية مجرّد اقتراح عابر أو إجراء عادي، بل يمثل خطوة مفصلية يُنتظر أن تعيد رسم خريطة الحضور أمام الكفاءات التدريبية الوطنية.
اتحاد القدم عرض المقترح رسمياً وينتظر مرئيات الأندية، في وقت تشهد فيه الأطقم الفنية في الأندية السعودية تكدساً سنوياً لعشرات الجنسيات الأجنبية، يحضر أصحابها للعمل ثم يغادرون مع نهاية العقود دون أن يترك وجودهم أي أثر مستدام.
وفي حال تحوّل الطرح إلى قرار ملزم، فإنه سيضع حجر الأساس لمرحلة جديدة تنتقل فيها المشاركة المحلية من الحضور الخجول إلى التمثيل الفاعل والمؤثر، ويمنح المئات من المدربين السعوديين، حملة الشهادات المعتمدة بمختلف درجاتها، فرصة الدخول الحقيقي إلى منظومة العمل الفني، لا سيما في ظل وجود فجوة متراكمة بين الكمّ الكبير من المدربين الأجانب، ونسبة تمثيل المدرب الوطني في فرق الدرجات المختلفة.
هذا التقرير يرصد تحولات حضور المدرب السعودي في الأجهزة الفنية خلال المواسم الثلاثة الأخيرة، ويستعرض بالأرقام والوقائع تفاصيل مشاركته في الدرجات الممتازة والأولى والثانية، وصولاً إلى الثالثة والرابعة، مروراً بتجربته المحدودة كمدير فني، في مقابل الحضور المتكرر في أدوار ثانوية مثل مساعد مدرب، ومحلل فيديو، ومدرب لياقة.
ظهور نادر في وظيفة المدير الفني
ووفقاً لإحصاءات خاصة تنشرها «الشرق الأوسط» فإن عدد المدربين السعوديين العاملين في الأجهزة الفنية لفرق الدوري السعودي للمحترفين تراجع في الموسم الأخير مقارنة بالموسم الذي سبقه، لكن اللافت هو زيادة عدد المدربين السعوديين الذين يعملون في منصب المدير الفني، وهو الحضور الخجول سابقاً مقارنة بهذا الموسم.
بصورة عامة فإن الحضور سجل نموا في السنوات الثلاث الماضية، لكن ليس على صعيد المدير الفني، بخلاف هذا الموسم، إذ كان سابقاً صالح المحمدي وحيداً بعد قيادته لفريق الحزم الموسم الماضي، أما في الموسم الحالي فقد عيّن الاتفاق سعد الشهري بديلاً للإنجليزي جيرارد، وأعلن التعاون إسناد المهمة لمحمد العبدلي خلفاً للأرجنتيني رودولفو أروابيانا، وعين خالد العطوي في ضمك خلفاً للبرتغالي نونو ألميدا، وحالياً المدرب بندر الكبيشان سيقود فريق الرياض خلفاً للتونسي صبري لموشي.
مع مُضي السنوات، فإن المدرب السعودي لا يزال يشغل الأدوار الأقل تأثيراً، مثل محلل فيديو أو مساعد مدرب أو مدرب لياقة، أما الظهور كمدير فني فذلك لا يكون إلا في حالات نادرة جداً، وإن حضر هذا الموسم بأسماء مؤقتة تكمل المهمة لنهاية الموسم.
وبالخوض في تفاصيل المواسم الثلاثة الماضية لأندية الدوري السعودي للمحترفين، نجد أنه في موسم 2022 / 2023 سجل المدرب السعودي حضوره بعدد 17 شخصاً مقابل 129 مدرباً من جنسيات متعددة، وكانت أندية الاتحاد والفتح وأبها والشباب وضمك والعدالة هي الأكثر، بواقع مدربين لكل منها، في حين كانت أندية الطائي والعدالة والنصر الأكثر توظيفاً للمدربين غير السعوديين بعدد 14 مدرباً، وكانت الجنسيتان الأعلى حضوراً هما البرتغالية والتونسية.
كانت وظيفة مساعد المدرب هي الأكثر، بعدد 6 أسماء، في حين غاب حضور المدربين السعوديين على رأس الجهاز الفني، وسجلت مهنة محلل الفيديو حضوراً لافتاً بين المدربين السعوديين.
أما في موسم 2023 / 2024 فقد شهد المدرب السعودي نموا أفضل في حضوره، بواقع 31 مدرباً من أصل 227 مدرباً في أندية الدوري، إذ حضر من بينهم 196 مدرباً غير سعودي من مختلف الجنسيات، وكان فريقا الحزم وأبها الأكثر توظيفاً للمدربين السعوديين بعدد 5 مدربين، أما الشباب فقد كان الأكثر توظيفاً للمدربين غير السعوديين بعدد 23 مدرباً، وكانت البرتغال الأكثر حضوراً في هذه النسخة.
وكما هو الحال للموسم الذي سبقه، كانت وظيفة مساعد مدرب هي الأكثر حضوراً بعدد تسعة أسماء فنية، مقابل حضور وحيد للمدير الفني فقط.
20 مدرباً من أصل 202 فني
في الموسم الحالي، تراجع عدد المدربين السعوديين في الأندية، وبلغ عدد العاملين 20 شخصاً من أصل 202 إجمالي الذين يعملون في الأجهزة الفنية لكافة الأندية.
هذه النسخة شهدت تساوي مهنة مساعد المدرب ومحلل الفيديو، بعدد 6 وظائف لكل منها، في حين زاد عدد المدربين العاملين كمدير فني إلى أربعة مدربين.
بصورة إجمالية فيما يتعلق بأندية الدوري السعودي للمحترفين، فإن التحسن الملحوظ في ثاني المواسم التي شملتها هذه الإحصائية عاد للتراجع لنقطة أدنى من نقطة الانطلاقة، مما يؤكد أن ما حدث لم يكن مستداما.
أما على صعيد أندية دوري الدرجة الأولى فقد شهدت نسبة توظيف المدربين السعوديين انخفاضاً حاداً بنسبة تقترب من 50 في المائة خلال موسمين فقط، رغم أن كثيرا من الأسماء السعودية تمتلك خبرة تفوق نظيرتها التي تعمل في بعض أندية الدرجة الأولى.
دوري يلو… تراجع كبير للسعوديين في الأجهزة الفنية
في موسم 2022 – 2023 كان حضور الأسماء السعودية كبيراً، بعدد 37 مدرباً من أصل 179 مدرباً يعملون في الأطقم الفنية، وحضر خليل المهنا مدرباً لفريق أحد ويوسف عنبر مدرباً للأهلي وخالد القروني مدرباً للخلود وخليل المهنا مدرباً للعربي، وخالد العطوي في القادسية، وسعد السبيعي في القيصومة.
واستمرت وظيفة مساعد المدرب الأكثر حضوراً، بعدد 13 في ذلك الموسم، مقارنة بوظائف أخرى مثل مدرب لياقة ومحلل فيديو ومدرب حراس.
أما في موسم 2023 – 2024 فقد انخفض حضور السعوديين بعدد 19 مدرباً من أصل 169 حاضرين في كافة الأطقم الفنية، من بين هذه الأسماء كان خليل المهنا حاضراً لفترة في قيادة فريق البكيرية، وعلي القرني في فريق الصفا ويوسف عنبر في العربي، واستمرت وظيفة مساعد المدرب الأكثر حضوراً بعدد 10 أسماء مقارنة ببقية الوظائف الفنية.
وفي الموسم الحالي، حضر التراجع ليصل العدد إلى 15 مدرباً من أصل 146 حاضرين في مختلف الأجهزة الفنية للأندية، حضر يوسف عنبر في قيادة نادي أحد وزياد العفر في قيادة نادي الجندل، وصالح المحمدي في قيادة نادي الحزم، ولاحقاً حضر خليل المهنا في قيادة الباطن، واستمرت وظيفة مساعد المدرب الأكثر بعدد 7.
خلال السنوات الثلاث التي شملتها الإحصائية، كان المدربون البرتغاليون يتصدرون المشهد كأكثر الجنسيات توظيفاً، ثم الجنسية التونسية فالإسبانية والصربية.
دوري الثانية… سيطرة عربية وحضور سعودي في الأجهزة المساعدة
رغم أن حضور المدربين السعوديين بمختلف الوظائف يعتبر الأفضل في دوري الدرجة الثانية مقارنة بأندية الدوري السعودي للمحترفين والدرجة الأولى، فإنه لا يعكس حضورا فاعلا في وظائف المديرين الفنيين، بل استمر حضور وظيفة مساعد مدرب هو الأكثر، كما هو الحال في الدرجتين السابقتين.
وبحسب الإحصاءات التي تنشرها «الشرق الأوسط»، فإن عدد المدربين السعوديين في موسم 2022- 2023 بدوري الدرجة الثانية بلغ 39 مدرباً من أصل 203، وحضر زياد العفر مع نادي الجندل، وبندر العتيبي مع الدرعية، وعبد العزيز الدخيل مع الروضة، وعبد البديع الغانم مع الزلفي، وسليمان الحشيان مع النجمة، وسعود المشعان مع اللواء، وفي النهضة حضر الثنائي بندر باصريح وعبد العزيز البيشي، ومحمد الجديع في بيشة، وعبد العزيز مشبب في جرش، وعبد العزيز الحقباني ومثيب العتيبي في ساجر، وكانت وظيفة مساعد المدرب هي الأكثر بعدد 16.
أما في موسم 2023 – 2024 فقد انخفض الرقم قليلاً إلى 34 مدرباً من أصل 212 مدرباً، فحضر عباس غلام وأيوب غلام في الأنصار، ومحمد المطيري وعبد الله العقيلي في التقدم، وأحمد خليل في الجيل، وعبد البديع الغانم في الزلفي، وعبد العزيز البيشي في الكوكب، وسعود المشعان وعبد الله الضعيان في اللواء، وعبد العزيز مشبب في جرش، وفضل الفضل في النجوم، وخالد القروني في وج، ورغم ذلك استمرت وظيفة مساعد المدرب هي الأكثر بعدد 13 مدرباً.
أما في الموسم الحالي فقد ارتفع عدد المدربين الوطنيين إلى 38 مدرباً من أصل 194 لكافة الطواقم الفنية في الأندية، إذ يحضر سلطان أبو العلا في الأنوار، وعبد الله الجنوبي في الترجي، وأحمد العتيبي في التقدم، وهلال الرفاعي في الحوراء، ومحمد البوقرين في الروضة، وبدر أبا الحسن في الشرق، وسلطان القنوي في الكوكب، وعبد الله البقعاوي في اللواء، وبندر باصريح وعليوي الدوسري في النجوم، ومحمد الرويبعي في بيشة، وفهد عسيري في جرش، وعلي مجربي في حطين، وسعود المشعان في طويق، أما بقية الأسماء فتوزعت على بقية الوظائف الفنية للطواقم.
دوري الثالثة… تمكين جزئي
وحضور أكبر للمدرب المحلي
سيكون دوري الدرجة الثالثة أحد أكبر الدوريات تغيرا في الموسم الجديد مع دخول قرار إلزام أندية هذه الدرجة إلى جوار الدرجة الرابعة بتعيين مدرب سعودي للفريق الأول، لكن رغم ذلك فقد كان دوري الدرجة الثالثة الأكثر حضوراً للمدرب السعودي مقارنة بغيره من الدوريات الثلاثة التي شملتها هذه الإحصائية.
وشكل السعوديون حضورهم في موسم 2022 – 2023 بعدد 56 مدرباً من أصل 138، فيما سجل الموسم الذي يليه حضوراً لافتاً بلغ ذروته مع بلوغ العدد 103 من أصل 208، ليصبح حضور السعوديين بمثابة النصف، لكن مع هذا الحضور تراجع في الموسم الحالي إلى 59 مدرباً من أصل 183 مدرباً يعملون في الأجهزة الفنية من مختلف الجنسيات.
استمرت وظيفة مساعد مدرب هي الأكثر حضورا حتى في الدرجة الثالثة، وذلك بحسب المواسم الثلاثة 16 ثم 29 وأخيراً 24.
اكتشاف المزيد من اشراق اون لاين
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.