أهم الأخبار

رسالة مفتوحة إلى زامير من أكاديمي استيطاني يميني


معالم جيوسياسية لافتة في زيارة مودي المتزامنة إلى فرنسا والولايات المتحدة

لقد أكد الرئيس دونالد ترمب مجدداً، إبان زيارة الزعيم الهندي ناريندرا مودي لواشنطن أنه يعني الأعمال التجارية… حرفياً.

عبارة «أرني المال» قد تكون شعار الولاية الثانية لترمب، وهذا النهج لا يصب بالضرورة في مصلحة الهند. ولأن اقتصادها سريع النمو مع ارتفاع المطالب، فإن الهند في وضع يسمح لها بعرض صفقات على الولايات المتحدة إذا كان لها أن تستفيد من جوانب أخرى.

استقبال مميز

منذ اللحظة التي وصل فيها مودي إلى واشنطن، بدا كل شيء سلساً. وقبل اجتماعه مع الرئيس ترمب، التقى مودي مع إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، الذي حضر رفقة أطفاله الثلاثة. وكذلك التقاه مايكل والتز، مستشار الأمن القومي الأميركي الجديد، وفيفيك راماسوامي رجل الأعمال الهندي الأميركي المقرّب من ترمب الذي من المقرّر أن يترشح لمنصب حاكم ولاية أوهايو. وزارته أيضاً بعد وقت وجيز من وصوله إلى واشنطن تولسي غابارد، المديرة الجديدة للاستخبارات الوطنية الأميركية، التي تربطها بمودي علاقة وطيدة.

جورح سوروس (آ ب)

المحلل السياسي الهندي إم دي نالابات قال معلقاً: «لدى الرئيس ترمب فهم عميق للحقائق الجيوسياسية، وهي السمة التي يتشاركها مع رئيس الوزراء مودي. فكلا الزعيمين يدرك أن الحرب الباردة الثانية هي معركة وجودية بقدر ما كانت الحرب الباردة في نسختها الأولى. وقد التزم الزعيمان بسياستَي (الهند أولاً) و(الولايات المتحدة أولاً) على التوالي…».

ولفت المحلل إلى أنه «بعد مباحثات الزعيمين الثنائية، استعار مودي شعار ترمب (جعل أميركا عظيمة مرة أخرى) ليضفي عليه لمسته الخاصة (جعل الهند عظيمة مرة أخرى)… وفي المقابل، لم يكن ترمب ممن يمتنعون عن الإشادة بذلك، بل أعرب عن إعجابه بالمهارات (التفاوضية) التي يتمتع بها مودي… وقال إنه (مفاوض أكثر صرامة مني، إنه مفاوض أفضل مني بكثير. ولا مجال حتى للمنافسة في ذلك)».

وتابع نالابات: «من ناحية ثانية، قال محللون آخرون إن مودي كان ودوداً مع ترمب. لمّح بكل الإشارات والتصريحات الصحيحة، لكنني بصفتي شخصاً درس شخصية مودي وحكمه من كثب، كان واضحاً لي أنه كان محتاطاً لأمره أو ربما حذراً».

فيفيك راماسوامي (رويترز)

وحقاً، من المثير للاهتمام أن ترمب رفض مرتين الإجابة عن أسئلة حول الدور المحتمل للهند في الوساطة من أجل السلام بين روسيا وأوكرانيا، وبدلاً من ذلك أكد على دور الصين. أيضاً عرض التوسط في المناوشات الهندية – الصينية، متجاهلاً حقيقة أن عرضه السابق للتوسط مع باكستان إبان فترة ولايته الأولى لم يلق قبولاً جيداً من قبل الهند.

وحول الصين، قال ترمب في لقاء صحافي عُقد في أعقاب اجتماعه بمودي إنه مستعد للمساعدة إذا أدت مساعدته إلى تخفيف التوتر المزمن بين بكين ونيودلهي. وتابع أن للصين الآن نفوذاً عالمياً، وبإمكانها لعب دور في إنهاء حرب أوكرانيا.

الرسوم الجمركية وترمب

ولكن تحت سطح آيات الإعجاب والثناء المتبادل، كمنت الحقائق الثابتة للتجارة والرسوم الجمركية. فقبل ساعات من اجتماع ترمب بمودي، أعلن ترمب فرضه رسوماً جمركية متبادلة شاملة… وهذه المرة لا تستثني الهند.

وهنا، ذكر الصحافي الهندي أبيشيك دي أن «الاجتماع بين مودي وترمب كان متوقعاً أن يكون ذا أهمية كبيرة من الناحية المرئية. إذ تبع العناق الحار المصافحة الحازمة عندما دخل رئيس الوزراء مودي إلى البيت الأبيض، لكن البرودة كانت ملموسة عقب إعلان الرئيس الأميركي عن الرسوم الجمركية المتبادلة الشاملة. وحقيقة أن درجة حرارة الطقس لم تتجاوز درجة واحدة فقط في العاصمة واشنطن لم تساعد في حل هذه المسألة».

ثم إن ترمب قال في مؤتمر صحافي إن الهند «في صدارة المجموعة» عندما يتعلق الأمر بالرسوم الجمركية. وعلى الرغم من وقوف مودي إلى جانبه، ترمب بأسلوبه الفج الأميل للعداء «أياً كانت الرسوم الهندية، فإننا نفرض رسومنا سواءً بسواء. لذا، وبكل بصراحة، لم يعد ما يفرضونه من رسوم مهماً بالنسبة لنا».

للعلم، الولايات المتحدة هي الشريك التجاري الأول للهند، ومعها تتمتع الهند بفائض تجاري. ولذا كانت الرسوم الجمركية نقطة خلافية رئيسة، إذ انتقد ترمب مراراً الرسوم الجمركية الهندية «المرتفعة» – ووصفها بأنها «ملك الرسوم الجمركية» – وبالذات الرسوم على السلع الأميركية كالدراجات النارية والمنتجات الزراعية. لكن أحدث ميزانية في الهند شهدت خفض الرسوم الجمركية من 13 في المائة إلى 11 في المائة في محاولة لتجنب أي رسوم يفرضها ترمب. ومع هذا، واصل ترمب الضغط بشدة على الهند لشراء المزيد من الغاز والنفط الأميركي، فضلاً عن المعدات الدفاعية الأميركية.

تحدّي «بريكس» للدولار

من جانب آخر، شن ترمب هجوماً لاذعاً على دول مجموعة «بريكس» قبل اجتماعه مع رئيس الوزراء الهندي، بسبب محاولات إلغاء الدولار، إذ قال إن «البريكس قد ماتت». واتهم المجموعة بأنها أسست «لغرض سيئ»، زاعماً أنه حذّر دول المجموعة من أنها «ستتعرض لرسوم جمركية بنسبة 100 في المائة… إذا أرادت اللعب بالدولار». ومضى قائلاً: «في اليوم الذي يذكرون أنهم يريدون فعل ذلك، سوف سيعودون ليقولوا: نتوسّل إليكم، إننا نتوسل إليكم!.. لقد ماتت مجموعة البريكس منذ أن ذكرت ذلك».

«مكاسب سياسية» للهند على حساب «جاراتها»

في المقابل، رأى أنيل تريغونايات، السفير الهندي السابق لدى الأردن وليبيا ومالطا، أن «بين ما جاء لمصلحة للهند وقف المساعدات البالغة 20 مليون دولار في إطار عملية (ديمقراطية الظل) الهادفة إلى تصوير الهند على أنها دولة مارقة، جنباً إلى جنب مع نمط مستمر من التدخل في شؤون الهند وتجاهل (مصالحها الاستراتيجية). وعلاوة على ذلك، لا يبدو أن ترمب يميل إلى الاستثمار في أي من بنغلاديش أو باكستان، وسيكون راضياً إذا تعاملت الهند كما تشاء مع كليهما. وبدا أنه مستعد لتعزيز موقف الهند عبر تصريحات تعتبر باكستان مركزاً للإرهاب بشأن الهجمات عبر الحدود في البيان المشترك، أو قوله: سأترك بنغلاديش لرئيس الوزراء (أي لمودي). ثم إنه مع وجود ترمب في واشنطن، وتجميد التمويل الأجنبي، والتفكيك المستمر للوكالة الأميركية للتنمية الدولية، جرى تحييد التدخل الأميركي في بنغلاديش إلى حد كبير».

ورأى السفير أن «التزام ترمب بإزالة عناصر (الدولة العميقة)، بمَن فيهم شخصيات مثل جورج سوروس، يمكن أن يخفف من المخاوف (الهندية) وموقفه (أي ترمب) السلبي تجاه محمد يونس، ونظرة مُرشح ترمب لشؤون جنوب آسيا إلى باكستان على أنها دولة خطيرة بصورة استثنائية، مقابل موقف وزير خارجيته الإيجابي من الهند… كلها إجمالاً مكاسب صافية للهند على حساب جاراتها بجنوب آسيا. كما منح ترمب مودي نصراً آخر بالإعلان عن تسليم المطلوب في هجمات 26 نوفمبر (تشرين الثاني) في مومباي».

من جهة أخرى، قالت ليزا كيرتيس، التي كانت جزءاً من إدارة ترمب الأولى، في برنامج حواري على قناة «الهند اليوم»، إن اجتماع مودي وترمب أرسى جدول أعمال الشراكة بين الولايات المتحدة والهند خلال السنوات الأربع المقبلة، وأضافت: «لقد كان اجتماعاً ناجحاً. وكونه حصل حدث في وقت مبكّر للغاية من رئاسة ترمب الثانية يُظهر أهمية الهند بالنسبة للولايات المتحدة. لقد أراد مودي اكتساب قدر من الحصانة من سياسات ترمب الإشكالية في مجال التجارة. لقد كانت زيارة بشعار (مودي يصنع السحر)، لأنه من الصعب للغاية نزع سلاح شخصية مثل ترمب. ومن خلال مشاهدة تفاعلاتهما خلال المؤتمر الصحافي، أعتقد أنه حقق ما اعتزم القيام به».



المصدر


اكتشاف المزيد من اشراق اون لاين

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من اشراق اون لاين

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading