استئناف «الحوار الأمني» بين الجزائر ومدريد عقب انحسار التوترات

رفعت الجزائر التعليق عن آخر حلقات التعاون مع إسبانيا بتأكيد استئناف الحوار في مجالي محاربة الإرهاب والهجرة السرية، وذلك خلال زيارة وزير داخليتها إلى مدريد يومي الاثنين والثلاثاء.
وعادت التجارة البينية بين البلدين في الخريف الماضي إلى ما كانت عليه قبل تدهور العلاقات الدبلوماسية بشكل غير مسبوق في مارس (آذار) 2022؛ بسبب غضب الجزائر من انحياز الجار المتوسطي للمغرب في نزاع الصحراء.
بحث وزير الداخلية الجزائري، إبراهيم مراد، مع نظيره الإسباني، فيرناندو غراند مارلاسكّا غوميز، سبل «تعزيز التعاون بين الأجهزة والمؤسسات المختصة في البلدين في المجال الأمني، والذي يستند إلى اتفاق بين حكومتي البلدين يخص مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة»، حسبما جاء في بيان لوزارة الداخلية الجزائرية.
وأكد البيان ذاته أن محادثات الوزيرين تناولت «الجريمة العابرة للحدود، لا سيما الاتجار غير المشروع بالأسلحة والذخائر، والمخدرات والمواد الكيميائية والجرائم السيبرانية والاقتصادية، بالإضافة إلى المتاجرة بالبشر والأعضاء البشرية، وبالأخص في ظل تنامي الظواهر الإجرامية وتشعبها، وتنوّع طرقها واعتمادها على وسائل حديثة تستدعي تعزيز العمل المشترك»، مشيراً إلى أن التهديدات الأمنية التي يواجهها البلدان «باتت تتطلب تضافر جهودنا وتنسيقها من أجل تعزيز جاهزية وقدرات الأجهزة الأمنية».
ونقل البيان ذاته عن مراد دعوته إلى «تكثيف التنسيق والتشاور وتبادل المعلومات بين الأجهزة الأمنية، بما يسهم في التصدي لشبكات الجريمة المنظمة، وقمعها وتحييدها». مبرزاً أن بلاده «حققت نتائج إيجابية أخرى بفضل التعاون الوثيق مع مكتب المنظمة الدولية للهجرة بالجزائر، في مجال العودة الطوعية للمهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم الأصلية، وذلك بتسهيل عودة أزيد من 8 آلاف مهاجر غير نظامي إلى بلدانهم الأصلية».
وعن تصور الجزائر لحل مشكلة الهجرة السرية، قال مراد – حسب البيان نفسه – إن بلاده «على قناعة تامة بأن مواجهة ظاهرة الهجرة غير النظامية بشكل مستدام وشامل، تتطلب إيلاء أهمية خاصة لإشكالية التنمية في دول المصدر، من أجل تطويق هذه الظاهرة والحد من تداعياتها».
ووفق مراقبين، فإن زيارة مراد إلى إسبانيا «تأتي في سياق خطوات سبقتها مهدت لإعادة الدفء إلى العلاقات الثنائية»، كان من أبرزها لقاء جمع وزيرَي خارجية الجزائر وإسبانيا، أحمد عطاف وخوسيه مانويل ألباريس، الجمعة الماضي في جوهانسبورغ، بمناسبة الاجتماع الوزاري لـ«مجموعة الـ20»، حيث بحث المسؤولان «إعطاء دفعة للعلاقات بين البلدين من خلال تعزيز الثقة المتبادلة، وتطوير التعاون الثنائي»، حسب بيان للخارجية الجزائرية.
وكان هذا اللقاء الأول من نوعه بين مسؤولين رفيعين من البلدين، منذ اهتزاز علاقاتهما في مارس 2022، إثر إعلان الرباط عن مضمون رسالة توصل بها الملك محمد السادس من رئيس الحكومة الإسبانية، بيدور سانشيز، يبلغه فيها دعم بلاده خطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء.
واحتجت الجزائر وقتها بشدة على ما عدته «انقلاباً مفاجئاً في موقف السلطة السابقة، التي كانت تدير ملف الصحراء»، وسحبت سفيرها من مدريد، وعلقت العمل بـ«معاهدة الصداقة وحسن الجوار»، التي أبرمها الطرفان في 2002، والتي تؤطر كل أشكال التعاون بينهما. وزادت الجزائر على ذلك بوقف العمليات التجارية مع إسبانيا؛ ما ألحق خسائر كبيرة بعشرات المؤسسات الجزائرية والإسبانية تتعاون فيما بينها في قطاعات كثيرة، خصوصاً المواد نصف المصنعة والمنتجات الغذائية.
ووضعت الجزائر شرطاً مقابل تطبيع العلاقات، يتمثل في عودة إسبانيا إلى حيادها من مسألة الصحراء، لكن وعلى الرغم من أن ذلك لم يتحقق، فقد بدأت التوترات تتراجع الخريف الماضي مع إزالة الموانع الخاصة بالتجارة، تلاها عودة السفير الجزائري إلى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني).
اكتشاف المزيد من اشراق اون لاين
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.