إسرائيل توسّع نموذج «جنين – غزة» في الضفة الغربية
اعترفت أوساط في قيادة الجيش الإسرائيلي، بأن أحد أهداف الهجمة الجديدة على جنين، ومخيم اللاجئين فيها، يرمي إلى إفساد فرحة الاحتفالات الفلسطينية بتحرير الأسرى من السجون الإسرائيلية في صفقة التبادل. وقد اختارت لذلك تنفيذ عمليات تدمير تجعل جنين شبيهة بغزة، من حيث الدمار.
وبحسب رئيس بلدية جنين، محمد جرار، فقد نفذت إسرائيل فعلاً عمليات تدمير شامل، فأحرقت ما بين 70 و80 منزلاً فلسطينياً، ودمرت ما بين 30 و40 منزلاً آخر بشكل كلي، إلى جانب مئات المنازل بشكل جزئي خلال عمليتها العسكرية على مدينة جنين ومخيمها. فالقوات العاملة هناك تحضر برفقة جرافات الـ«دي 9» العملاقة، التي تتقدم القوات وهي تجرف كل ما في طريقها، من بيوت وأسوار وبنى تحتية (خطوط الكهرباء والماء والهواتف والمجاري).
وبما أن الجيش الإسرائيلي أقدم على عمليات كهذه عدة مرات في السنوات الأربع الماضية، منذ 9 مارس (آذار) 2022، فقد ثارت تساؤلات في الإعلام الإسرائيلي عن جدوى العمليات، ما دفع بالناطق بلسان الجيش إلى دعوة مجموعة صحافيين وأطلعهم على هذه العمليات. فخرجوا بالانطباع أنه تكرار للأهداف نفسها وللعمليات نفسها مع إضافة شكلية، هي: «حفر الانطباع بأن إسرائيل تنوي تكرار مشاهد الدمار في غزة هنا». وتساءلت «هآرتس» عما إذا كانت هناك حكمة من وراء هذا التشبيه، فقالت: «بالمؤكد، إنه لا توجد ضرورة لعملية تدمير كهذه».
وكان الجيش الإسرائيلي باشر في اليومين الأخيرين، نقل نموذج جنين – غزة، أيضاً إلى مدينة طولكرم ومخيم نور شمس القائم فيها. فشنّ هناك أيضاً غارات جوية، واغتال بعض الشبان، ثم أجبر عائلات فلسطينية، على النزوح من مساكنها تحت تهديد السلاح، وذكر شهود عيان أن عدداً من العائلات اضطر لمغادرة المخيم، بينما يبدو أن الجيش حولها إلى ثكنات عسكرية. وبعدها راح ينفذ عمليات تجريف للبنية التحتية وحرق عدة منازل.
لكن العمليات في طولكرم لم توقف العمليات في جنين، وقد دفعت قوات الاحتلال، اليوم (الثلاثاء)، بمزيد من قواتها إلى مخيم جنين. وأفادت مصادر محلية بأن آليات عسكرية مصحوبة بجرافات كبيرة اقتحمت المخيم انطلاقاً من حاجز الجلمة العسكري، وانتشرت في شوارع المخيم. ويحاصر جيش الاحتلال المخيم من كل جهاته، ويسمع بين حين وآخر أصوات انفجارات واشتباكات مسلحة في المنطقة، كما لا تغادر الطائرات المسيرة سماء المدينة.
وبحسب تقرير «هآرتس»، لم يعد هناك مسلحون في جنين تابعون لحركات «حماس» أو «الجهاد» أو «فتح»، كما يدعي الجيش؛ بل هناك عدد من تنظيمات المافيا التي أطلقت النيران كي تتمكن من الهرب. والمخيم بات خالياً من السكان تماماً. لكن الاجتياح هو نفسه الذي عرفناه في كل مرة، الشوارع نفسها والبيوت نفسها. ونقلت على لسان المقدم «أ»، الذي يحظر نشر اسمه، وفق السياسة الجديدة للجيش لتفادي ملاحقته القضائية في العالم، القول: «دائماً يوجد جديد في هذه العمليات. فالفلسطينيون يطورون أدواتهم ويوسعون صفوفهم، وعلينا أن نواكب التغيير في كل مرة».
لكن المقدم المذكور يعترف بعد إلحاح الصحافيين، بأن الأمر الأساسي هو أن القيادة السياسية في الحكومة هي التي أعطت الأوامر للعمل العسكري المكثف، ومع أن الجيش يعرف بأنه لم تعد هناك تنظيمات مسلحة فاعلة فقد كان ملزماً بالتنفيذ. وقد وجدها فرصة من جهته لكي ينزع الفرحة عن الاحتفالات بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين. وقال إن شدة الدمار جاءت لغرض ألا ينسى الفلسطينيون أن إسرائيل قادرة على تحويل الضفة الغربية برمتها إلى غزة أخرى.
اكتشاف المزيد من اشراق اون لاين
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.