إردوغان يؤكد المُضي نحو دستور جديد لتركيا ويؤيد الحوار مع أوجلان

جدَّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عزمه وضع دستور جديد للبلاد، وأعطى، من جهة أخرى، إشارة إلى المُضي قدماً في الحوار مع زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان.
وقال إردوغان إنه سيجري هدم جدار الإرهاب من خلال اتحاد الأتراك والأكراد والعرب، معرباً عن أمله في أن ينتهي الإرهاب والعنف بشكل كامل في تركيا، والمنطقة برُمتها قريباً. وأضاف أن «تركيا بحاجة للتخلص من مشاكلها، وخاصة آفة الإرهاب، بينما يجري إنشاء عالم جديد، وسنتوحد أتراكاً وأكراداً وعرباً ونهدم جدار الإرهاب المشيَّد على دماء أبنائنا منذ 40 عاماً».
وشدد إردوغان، في خطاب، خلال المؤتمر العام العادي الثامن لحزب «العدالة والتنمية» الحاكم، الذي أقيم في صالة الألعاب الرئاسية بأنقرة، الأحد، على أنه لا يمكن لأي دولة ديمقراطية أن تتسامح مع أسلحة الإرهاب أو تنظيماته السياسية أو امتداداته التي تظهر تحت ستار مجتمع مدني، ولا يمكن للإرهاب والسياسة، أو الإرهاب والديمقراطية أن يتعايشا معاً.
دعم الحوار مع أوجلان
وقال إردوغان إن مبدأ «تركيا خالية من الإرهاب» هو تعبير عن إجماع وطني واسع النطاق يحظى بدعم كامل من المواطنين. وأثنى على المبادرة التي أطلقها حليفه رئيس حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» في «تحالف الشعب»، دولت بهشلي، للحوار مع أوجلان، المسجون مدى الحياة في تركيا، ودعوته إلى إصدار نداء لحل الحزب وإلقاء أسلحته، وإعلان انتهاء مشكلة الإرهاب في تركيا. وأضاف إردوغان: «لقد كتب حزب (الحركة القومية) والسيد بهشلي، تحت سقف (تحالف الشعب)، اسميهما في التاريخ السياسي التركي بمواقفهما الرائدة في حل المشاكل المزمنة في بلدنا»، لافتا إلى أنه بمجرد القضاء على مشكلة الإرهاب، ستفتح أبواب عصر جديد، من الديمقراطية إلى التنمية، ومن الأخوة إلى التكامل الإقليمي.
وقال إن حزب «العدالة والتنمية» نجح، على مدى أكثر من 23 عاماً من حكمه للبلاد، في جعل جميع الفئات؛ من السنة المحافظين إلى العلويين، ومن الأكراد إلى الغجر، وكل المجموعات التي كانت مهمّشة في تركيا بالأمس، جزءاً لا يتجزأ من تركيا العظيمة والقوية.
الدستور الجديد
وتطرَّق إردغان، مجدداً، إلى مسألة وضع دستور جديد لتركيا، قائلاً: «إننا نحافظ على هدفنا المتمثل في تتويج ديمقراطيتنا بدستور جديد مدني وشامل».
وسبَقَ أن أكد إردوغان، أكثر من مرة كذلك عقب إعادة انتخابه رئيساً لتركيا في مايو (أيار) 2023، أن تركيا بحاجة إلى دستور مدني ليبرالي ديمقراطي شامل يخلصها من دساتير الانقلاب.
وفي المقابل، تقول المعارضة ومنتقدو إردوغان إن هدفه من وضع دستور جديد هو فتح الطريق أمامه الترشح لرئاسة البلاد، بعدما أصبح لا يحقُّ له، بموجب الدستور الحالي، الترشح مجدداً.
وكان بهشلي، الحليف الأوثق لإردوغان حالياً، قد أكد، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، صراحةً، أنه سيجري وضع دستور جديد لتركيا، وأن هدفه سيكون فتح الطريق لإردوغان للبقاء رئيساً في ظل النظام الرئاسي الذي طُبّق عام 2018.
هجوم على المعارضة
ولم يخلُ خطاب إردوغان من الهجوم على المعارضة، واتهامها بالتعاون مع المنظمات الإرهابية والقوى الخارجية من أجل الوصول إلى السلطة، قائلاً إن ذلك وضع البلاد، وجهاً لوجه، مع مشكلة «الديمقراطية السامة»، التي واجهناها، بشكل خطير، خاصة في الانتخابات الأخيرة (مايو 2023).
وعَدَّ إردوغان أن حزبه، الذي وصفه بأنه منظمة سياسية تمكنت من التجديد والتغيير والتطوير والارتقاء باستمرار منذ تأسيسها قبل 24 عاماً، كان هو الحل لكل قضية تواجه تركيا وشعبها، وأن الحزب و«تحالف الشعب» (أحزاب «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» و«الوحدة الكبرى» و«هدى بار»)، ونظام الحكم الرئاسي، الذي طُبّق عام 2018 ويواجه انتقادات حادة بوصفه سبباً للمشاكل التي تواجهها تركيا، وخاصة المشاكل الاقتصادية، تشكل العقبة الكبرى أمام الوصاية وعدم الاستقرار السياسي والديمقراطية السامة.
تجديد «العدالة والتنمية»
ولفت إردوغان إلى استمرار التجديد في حزب «العدالة والتنمية»، عبر تغيير 3 أرباع رؤساء فروعه في الولايات، ونحو ثلثيْ رؤساء الفرع في المناطق خلال المؤتمر العادي الثامن، الذي أعيد فيه تنصيبه رئيساً للحزب لأنه كان المرشح الوحيد لرئاسته.
وشهد المؤتمر أيضاً تغييراً واسعاً في المجلس التنفيذي المركزي للحزب، بإضافة 39 عضواً جديداً؛ بينهم لاعب كرة القدم المشهور، الألماني من أصل تركي، مسعود أوزيل، والذي لعب بقميص منتخب ألمانيا حتى اعتزاله.
ولمح إردوغان إلى وضع استراتيجية لحزب «العدالة والتنمية» حتى عام 2071، مطالباً فرعَي النساء والشباب بالحزب بالعمل على حشد الشعب التركي وراء «رؤية 2053» أولاً، ثم 2071.
ووجّه حزب «العدالة والتنمية» الدعوة إلى 9 أحزاب لحضور المؤتمر العام، وهي الأحزاب المشارِكة معه في «تحالف الشعب» (الحركة القومية والوحدة الكبرى وهدى بار)، إلى جانب 6 أحزاب معارضة هي: «الشعب الجمهوري»، و«الجيد»، و«السعادة»؛ وهي من أحزاب البرلمان، و«الرفاه من جديد»، و«اليسار الديمقراطي»، و«الوطن»، وهي من الأحزاب غير الممثلة بالبرلمان.
ولم يوجه الحزب الدعوة إلى حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيِّد للأكراد، وهو ثالث أكبر أحزاب البرلمان، وحزبَي «الديمقراطية والتقدم» برئاسة على باباجان، و«المستقبل» برئاسة أحمد داود أوغلو، وهما من رفاق درب إردوغان منذ تأسيس حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في 2001، قبل الانشقاق عنه بعد نحو 20 عاماً؛ لاختلافهما مع إردوغان في أسلوب إدارته للحزب والبلاد.
حضر المؤتمر ممثلون عن 98 سفارة، من أصل 139 سفارة في تركيا، وكان 62 من المشاركين سفراء، و34 ممثلين للبعثات الأجنبية.
اكتشاف المزيد من اشراق اون لاين
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.